العنق

 الثقة بالذات

 العنق هي الممر الضروري للارتباطات الحيوية بين الفم والمعدة، بين الأنف والرئتين، بين الدماغ والعمود الفقري أو القلب، وهي قناة أساسية على الصعيد التشريحي، وتتيح مجموعة عضلاتها المعقدة للفرد أن يهز رأسـه ويـديـره ويحركه ويثنيه، إلى آخـره... فالرأس موصل لرسائل اجتماعية جوهرية على الصعيد الحركي.

 وإذا رجعنا إلى لغة الجسد الرمزية نجد أن النقـرة هـي موضع الثقة بالذات. في الواقع، يقع هذا الجزء من العنق المتمثل بهذا الجو العقلي المثالي الذي ننشده جميعاً في موضع فقـرات الرقبة السبعة الأخيرة من العمود الفقري . وهذا يعني أننا يجب أن نولي لغة النقرة الحركية ما تستحقه من أهمية.

 عندما يشبك محاورك أصابعـه فـوق نشـرتـه

 فهو يخبرك بحاجته إلى الانتهاء مـن الموضـوع بأسرع مـا يمكن، لقد تزعزعت ثقته بنفسه، يعتقد ممارسو طقس الفودو في هاييتي أن الروح تسكن في النقرة. وقد يكون هـذا

 الاعتقاد هو ما دفعهم إلى استخدام العقود في أعناقهم لكي تحميهم من التأثيرات الشريرة. تعتبر العنق في الحركات الإيقاعية، كما في طريقة ماتياس ألكساندر العلاجية ، المفتاح الذي يسمح بتحريك بقية الجسد. وقد ابتدع ماتياس ألكساندر علاجاً يقوم على فكرة أنه يتغييرنا لوضعية العنق فوق الكتفين لا نشفي من بعض الأعراض الفزيولوجية فحسب.

وإنما نبرأ أيضاً من عدد كبير من التوترات أو الاضطرابات النفسية. فبالعودة إلى ما ذكرته

 للتو يصبح من السهل أن نفهم الرابط الرمزي الذي اقترحه بين الثقة بالذات وبين النقرة. يتعرض الجسد في التنويم المغناطيسي الذاتي الوضيعي، وفي أثناء ممارسة الغشيات التفريغية لارتكاسات تشنجية دون مشاركة طوعية من الفرد، وتنتهي الغشية دائماً بسلسلة من الحركات للنقـرة ذهاباً وإياباً، والتواء العنـق هـو إشـارة قوية على إصابة اعتيادية. فإذا تعرضت لهذا النوع من الاضطراب، يمكنك أن تعتبر أن لا شعورك يحاول أن يلوي عنـق فـقـدان ثقتك بذاتك. «لقد أخفقت غير مرة في أعمالي، وقد سببت لي هذه الإخفاقات المتتالية التواءات عنقيـة متسلسلة. وكنت أتساءل دائمـاً إن كـان هنـاك رابـط سـببي بـيـن التـواءات عنقـي

 وإخفاقاتي؟

 أخبرني بهـذه التفاصيل أحد المرضى الذين كنت أعالجهم، وكانت حالتـه هـي سـبب اهتمامي الخاص بهذه الإشارة النفسية الجسدية القوية للغاية، من منا لم يشتك قط من التواء عنقه؟ المشكلة هي أننا لا نتذكر بتاتاً الظروف التي حدث فيها التواء العنق. وقد عكفت أيضاً على دراسة الضربة المفاجئة على عضلات العنق التي يذهب ضحيتها بعض المصابين في حوادث السير. إنهم يضعون جهازاً لحماية فقرات العنق المصابة. كان جميع الأفراد الذين سنحت لي الفرصة باستجوابهم يعانون حقيقة من مشكلة فقدان الثقة بأنفسهم. فما هي الصلة بحوادث السيرة يبقى السر قائماً إذ أنني استجوبت أيضاً أشخاصاً آخرين كانوا ضحايا حوادث خطيرة

 ولكنهم لم يشتكوا قط من ألم في فقرات العنق. يبدو أن نقراتهم قد قاومت الصدمة. وباستقبالي ذات صباح طالبا (يدعي جيروم) في حالة فشل تام توصلت إلى قناعة بأن النقـرة هي بالفعل موضع هذه الثقة اللعينة بالنفس التي نعزها جميعاً. لم يكف عن القول إنه ليس جديراً بالثقة، وإنه قد فقد ثقته بذاكرته وذكائه. كان يتكلم عن ملكاته الفكرية وكأنها لا تنتمي إليه. وكـان هـذا الشاب يعاني للغاية من ألم في فقرات العنق، وكان هذا الألم المزمن قد بدأ عندما رسب في امتحاناته النهائية في السنة الجامعية الأولى. أجريت له صور شعاعية وصور بالإيكو وكانت النتيجة سلبية. احتل جيروم دائماً المرتبة الأولى في صفه منذ المدرسة الابتدائية حتى المدرسة الثانوية. وقد قصم أول فشل له في الجامعة ظهر ثقته بنفسه بصورة فظيعة ، وصدم صدمة مباشرة في حياته كراشد! وأصبحت ثقته بنفسه أثراً بعد عين! كانت صورته عن نفسه صورة طالب مثالي: القـد تولد عندي انطباع بأن رأسي قد قطع بالمقصلة، قال لـي والدمع يتاثر مـن عينيه.

 استقرت آلام الرقبة في غضون ليلة ولم تفارقني منذ ذلك الحين». إن النقرة جزء أساسي من الجسد ، وغالباً ما ندخل معها في نزاع دون وعي منا.

دمتم طيبين والسلام.