الجمعة، 7 أكتوبر 2022


 هل سمعتم عن تأثير الهالة Halo effect ؟

تأثير الهالة عبارة عن إحدى ظواهر التحيز المعرفي Cognitive bias. يحدث هنا أن يتأثر انطباعنا العام عن الشخص بفعل سمة يمتلكها. وأبرز الأمثلة على ذلك هو الجمال، فنحن نميل إلى تقييم الشخص الجميل (شكلًا) على أنه أكثر نجاحًا وثقافة وثقة بالنفس، وربما أفضل لو حاول مرة قيادة طائرة. أي إن انطباعنا عن شخص أنه جميل يؤثر على تقييماتنا لسمات أخرى لا علاقة لها بذلك، كالذكاء أو الحالة المادية.

أحد الأمثلة الواضحة على تأثير الهالة هو انطباعنا العام عن المشاهير، فنظرًا لأن الناس ينظرون إليهم على أنهم جذابون وناجحون في كثير من الأحيان ، فإنهم يميلون أيضًا إلى رؤيتهم على أنهم أذكياء ولطيفون ومضحكون.

معلومة: في الغالبية العظمى من الحالات، فاز الشخص الأطول في الانتخابات الأمريكية.

في إحدى التجارب عُرضت صورتان لشخصين بنفس الملابس ونفس العمر، لكن الفرق الوحيد بينهما كان في الطول وربما الوسامة (ولعلي وقعت شخصيًا تحت وطأة هذا التأثير، فجعلت الأطول أوسم!). طُلب إلى الناس توقع متوسط الراتب الذي يناله كل منهما سنويًا. إن فرقًا بحوالي 35 سم جعل فارق التوقعات في الراتب يتراوح بين 20 ألف و200 ألف دولار في السنة بين القصير والطويل تواليًا.

أنتم تعرفون هذا المجرم بالتأكيد، أو على الأقل رأيتم صورته:

المجرم كاميرون هيرّين لحظة إصدار الحكم عليه، دهس هذا الشاب أما وابنتها ليقتلهما

إن قراءة التعليقات والتغريدات على الحكم الصادر بحقه يشعرك بكمية الضلال الذي ترزح تحته عقول الكثيرين، هاك بعض الأمثلة عليها [1]:

• "وجهه أغلى من أن يُحبس في السجن"

• "لقد وقعت في حب مجرم"

• "يمكنك أن تقول أنه بريء جدًا من النظرة في عينيه "

كذلك هو الحال مع مجرمين آخرين، متل تيد بندي Ted Bundy وتشارلز مانسون Charles Manson [2].

ما السبب وراء ظاهرة/تأثير الهالة؟ [3]

• امتلاك معلومات غير كافية عن الشخص الذي أمامك: مثلما يحدث تمامًا على تطبيقات المواعدة التي انتشرت كما النار في الهشيم، إذ يبني الطرف الأول كل استقرائه وفرضياته على أساس الجاذبية الشكلية للطرف الآخر.

• عدم وجود الرغبة في معرفة المزيد عن الشخص أو قلة أهمية ذلك بالنسبة لك: مما يدفعك للاعتماد على أقل قدر من الحقائق كي تبني على أساسها قرارك أو رأيك، ونحن معرضون لهذا يوميًا، وخاصة في عصر يطفح بالمشتتات التي تبتلع وقتنا.

• نظرية الالتهام Engulf theory (وفيها التفسير الأقوى برأيي): حيث يلتهم دماغ المتلقي كل انطباعه عن الشخص الآخر مرة واحدة، معجونة بداخله كل الصفات معًا، فيتوهم المتلقي أن الصفات الأخرى لا بد وأن تتناغم مع جودة الصفة الإيجابية الظاهرة للعيان.

هل تتخيل أن قطعة جاتو كهذه يمكن أن تكون محشوة بالطين؟!

من يدري؟! عليك تذوقها أولًا قبل أن تطلق حكمك، وإياك أن تلتهما دفعة واحدة وإلا فقد وقعت ضحية لتأثير الهالة.                                                                                                                                                                                                دمتم طيبين والسلام.                      

0 التعليقات:

إرسال تعليق