الثلاثاء، 11 أكتوبر 2022

 كتاب متعة الجنس why sex is fun ( ١٩٩٧) ، تأليف جاريد دايموند أستاذ الجفرافيا البيولوجية في جامعة كاليفورنيا،و مؤلف"الشمبانزي الثالث" و" الأسلحة و الجراثيم و الفولاذ".


كما تعلمون ،يختلف البشر اختلافا شديدا في حياتهم الجنسية عن اسلافهم على شجرة التطور، و بشكل يبدو في الظاهر متناقضا مع العديد من خيارات التطور المعروفة.


 بدأ العالم الموسوعي جاريد دايموند حديثه عن الحياة الجنسية عند البشر في كتابه هذا عن النمو التطوري للحياة الجنسية عند البشر، متنقلا برشاقة بين تفاصيل علم الاحياء و التطور و بين طرائف حياته اليومية بينه و بين زوجته.


و لقد اشتمل الكتاب على سبعة فصول غير المقدمة و النهاية: ١- الحيوان صاحب اغرب حياة جنسية، ٢- معركة الجنسين٣- لماذا لا يرضع الرجال الأطفال ،٤-- الزمن الخطأ للحب : تطور الجنس الترفيهي، ٥- ما فائدة الرجال: تطور دور الرجل، ٦- أنتج اقل تملك اكثر : تطور انقطاع الطمث عند المرأة ، ٧- الحقيقة في الاعلان : تطور العلامات الجسدية.


و لقد قدم الكاتب بعض التفسيرات اللطيفة تحل التناقضات بين السلوك البشري و عدد من المفاهيم التطورية المعتادة.على سبيل المثال، من المعروف في إطار نظرية التطور ان اي نوع يرغب في نشر "جيناته الوراثية " باقصى قدر يستطيع، و من ثم تجد العديد من ذكور الحيوانات عند انتهائها من تلقيح الأنثى، تهجرها و تتوجه للبحث عن اخرى.


١- ماالذي يدفع الرجل الى البقاء مع المرأة حتى بعد تلقيحها مضحيا بفرصة نشر حيواناته المنوية و من ثم جيناته على عدد اكثر من النساء الأخريات، و ما الذي يدعو الى استمراره في علاقة طويلة الامد مع امرأة بل مشاركتها في رعاية حملها ، و اولادها ، بل يختر امرأة واحدة يعيش معها في صورة اقرب الى الزواج بواحدة ب monogamy ( و هي العلاقة الأكثر شيوعا حتى في مجتماعات تعدد الزوجات).


و يرى المؤلف ان احد العوامل التي تدعم التزام و ارتباط الاب و الام بالطفل هو حماية استثمار فعلي تم في البويضة المخصبة، فمن السذاجة التخلى عن مشروع قائم بحثا عن مشروع اخر لا تضمن نجاحه. و عادة ما تكون الأنثى التي أنتجت البويضة اكثر ارتباطا بالأولاد من الذكر الذي قدم فقط الحيوان المنوي. و الواقع ان البويضة تحتاج الى موارد جسدية كبيرة لإنتاجها فضلا عن عددها المحدود على مدار حياة الأنثى مقارنة بالحيوانات المنوية ، اما الرجل فلا يحتاج الى لايام قليلة لإعادة تكوين مخزونه من الحيوانات المنوية.


و على عكس الخيار التطوري التقليدي ، اختار الرجل من بني البشر افضل استراتيجية للحفاظ على جيناته و هي رعاية الام وحملها و اطفاله ايضا ، لان خروجه لممارسة الجنس مع أخريات يعني التضحية بالمضمون ( الحمل و الطفل)مقابل علاقة قد لا ينتج عنها حمل. فعلى عكس بقية الحيوانات التي لها مواسم للتزاوج يظهر فيها علامات على الانثى المستعدة للتلقيح و الحمل ، فان المرأة لا تتمتع بمثل هذه الخاصية ، و من ثم فقد يلقي بحيواناته دون مقابل ، مهملا تلك التي حملت منه ، و التي قد تلقى حتفها او يخطف طفله احد الوحوش الكاسرة .


و المبدأ هنا عصفور في اليد افضل من ١٠ على الشجرة . و ربما يكون هذا المبدأ هو أصل النظام الاجتماعي و الزواج بأنثى واحدة لفترة مستمرة لان ذلك في صالح استمرار جينات الطرفين معا.


٢- وعلى جانب اخر اشار المؤلف الى ان انقطاع الطمس عند المرأة يعد من اغرب سمات الحياة الجنسية عند البشر. ويعني انقطاع الطمث توقف المرأة عن انتاج البويضات فتصبح عقيمة ، و هي عملية لا تتسق بشكل كبير مع النمط المعتاد في عالم الحيوان، خاصة و ان التطور يحبذ نشر جينات النوع لرفع احتمالات انتاج نسل جديد ، و ان اغلب الحيوانات تظل خصبة و صالحة للإنجاب حتى تموت . و لقد اختلف الانسان قي ذلك حتى عن القردة العليا.


والحقيقة ان هذه الظاهرة ساعدت الام على عدم استهلاك طاقتها الجسدية في مزيد من الانتاج ، و من ثم توفير رعاية افضل للأطفال ، بل و قد ساعدتهم على الحياة لفترة افضل تتيح نقل الخبرات و التعلم الى الأجيال الأصفر منها . بل و يمكننا القول ان الاكتفاء بعدد اقل من النسل ، كان الأفضل تطوريا من التناسل بأعداد كبيرة قد يهلك اغلبها نتيجة عدم توافر الرعاية الاسرية ، بهذا تحسنت فرص الانسان في البقاء و اعتلاء عرش المملكة الحيوانية.                                                                                                                                                                                                                                                                              دمتم طيبين والسلام.

0 التعليقات:

إرسال تعليق