الأحد، 9 أكتوبر 2022


 السؤال الأصعب: لماذا يتوقف حماسنا علي البدايات فقط وفجأة ينتهي في المنتصف ونفقد بريقنا وتوهجنا؟! لماذا يفقد الإنسان شغفه ويتوقف فجأة؛ ويصبح ضائعا في المنتصف؟!

ما هي هذه المعضلة التي حيرت البشرية التي أسمها الشغف؛ أو الرغبة في المواصلة؟!

لكن حتي نستطيع أن نفهم الإجابة بصورة جيدة علينا أولا أن نجيب علي هذا السؤال أولا: ما هو الشغف؟!

بولو كويلو مؤلف رواية الخميائي العالمية يعطينا أفضل تعريف لهذه الكلمة :

"الشغف هو الإثارة التى يحدثها ما هو غير متوقع، هو الرغبة فى التصرف بورع، واليقين أننا سننجح فى تحقيق الحلم الذى طالما راودنا، يرسل الشغف إلينا إشارات لنهتدى بها فى حياتنا، ويجب أن نعرف كيف نفك رموز هذه الإشارات"..

الشغف هو الجنون بالشئ؛ هو ما يُسبّب الاندهاش ويخلق لديك الرغبة في الاستمرار كلما تعلمت أكثر..

والبعض يعتبر أن فقدان الشغف أصعب بكثير من الاكتئاب؛ فالأخير يُخرج الإبداع فينا؛ بالرسم أو الكتابة او غيرهما حين نلجأ إليهم للتعبير عن أنفسنا عندما يخذلنا العالم!.. لكن أن تفقد قدرتك علي المواصلة أو الاستمتاع بما تفعل!

فهو الأصعب لا محالة

إذن مَن سرق الشغف الخاص بنا؟ّ!

هناك بعض سارقي الشغف الذين نقع فريسة لهم حتي دون أن ندري؛ وبالتأكيد ستجد نفسك في واحدة فيهم:

• الحب: شخص يدخل حياتك فتتكيّف معه وتبني خططك المستقبلية علي أساسه؛ ثم لا يعود في حياتك.. فضلا عن الفراغ الذي يتركه ويكون كبيرًا؛ ببساطة تجد نفسك وحيدًا في منتصف الطريق؛ يصعب عليك الرجوع فأنت لم تعد أنت؛ ولا بإمكانك التقدّم لأن الخطط التي بنيتها وكان هو جزء فيها انهارت فجأة..

الأمر مُدمّر فعليا وخاصة حين يخذلك في الحياة أكثر مَن وثقت به؛ أو أن يدير لك ظهره وكنت أنت أكثر المُدافعين عنه!

• الخوف: وهو أكبر سارق للشغف رأيته في حياتي .. فـ الكل لديه أحلام ولكن أحيانا يكون مخيفا جدا تقبّل حلمك.. ومخيف جدا عندما تقول أريد هذا؛ لأنك تخشي أن تضع قلبك وروحك فيه وتفشل؛ وقتها ماذا سيكون شعورك؟! الانكسار؟!

ولتصبح عديم الخوف؛ ضع نفسك بالخارج وتقدّم مهما كانت الظروف؛ ادفع نفسك وأجبرها.. ليس من أجل الآخرين ……….. بل من أجل نفسك أنت

• تشتيت النفس في أكثر من اتجاه: مع الأسف الجيل الجديد وأنا واحد منهم؛ نريد كل شئ في نفس الوقت؛ لا نرتب أولويات.. أنا أريد أن أقرأ مائة كتاب؛ وأتفوق في دراستي وأتعلم كورسات برمجة؛

مهلا أنا بحاجة لممارسة تايكوندوا؛ لا لا اريد تعلّم كورسات ريادة الأعمال.. وأغلبنا حين يفعل لا يكون عينه علي الطريق؛ بل علي الأشخاص فيه؛ يقارن نفسه بهم حتي ولو كان مُبتدئ فيُحبط أكثر؛ .. يقارن بدايته بـ نهاية الآخرين!

أن يكون في يدك عصفور واحد؛ أفضل من ألف فوق الشجرة

• الروتين؛ وهو أكبر قاتل للشغف لو تعلمون:

تقول إحداهن:"جلست وحدي في أحد الكافيهات التي اعتدت على زيارتها، أنتظر فكرة أنهي بها مقالتي الأسبوعية، لأجد نفسي وصلت لمرحلة الصمت الذهني "writer's block" لا جديد، ولا أجد ما أفكر فيه بشغف لأكتب عنه، وحين أصريت لمعرفة السبب وجدت أن الكتابة تحولت من متعة لعبأ؛ فقد باتت الكتابة واجبا أسبوعيا، فقدت الشغف بالكتابة لأنه أصبح مقيدا بميعاد تسليم ويوم محدد لإرسال مقالتي الأسبوعية، وجدت نفسي أكتب لأنه مفروض عليّ، ليس لأن عندي ما أود حقا الكتابة عنه..

وهذا عكس الشغف في حد ذاته والمقترن بتقديم أفعال وتصرفات تجعلنا أكثر سعادة؛ لهذا افعل ما تحب؛ أدرس ما تحب لأنه ببساطة هو ما سيجعلك تُكمل.

• فقدان القيم: "حين يتكلم المال يصمت الصدق!" مثل روسي أجده واقعي جدا؛ فللأسف الكثير منا يفقد مبادئه لمجرد فرصة أفضل أو الحصول علي مال أكثر؛ ولكنه يجد نفسه بعدها في دوامة لا تنتهي من فقدان الذات؛ لا يعرف بعدها مَن يكون..

"ببطء، لكن بثبات، وبنفس الطريقة التي يحول بها الخريف شكل الغابة، حولتني آلاف التغييرات الصغيرة إلى شخص آخر" - أحمد خالد توفيق

• منطقة الراحة وفقدان الاهداف: لو سألتك" كيف تتخيل نفسك فعليا جسديا ونفسيا بعد خمس سنوات من حالتك تلك؛ كيف ستكون إجابتك؟! بصدق"؛ أغلب المحبطين أو المكتئبين لا يجدون لحياتهم معني لأنه ليس فيها هدف؛ وهذا بدوره يدفعه للتساؤل ماذا أفعل هنا؟! وما معني حياتي؟!..

كذلك منطقة الراحة؛ السجن الأبدي الذي نصنعه بإيدينا وندفن أرواحنا فيه؛ فالإنسان ملول يبحث دوما عن كل ما هو جديد ويثير الشغف؛ لكن المشكلة أن نفسه تلجمه بتوقع اسوأ النتائج فيستقر في منطقة راحته ظنا أنها الأفضل بالنسبة له!! كما أن من المريح الاعتياد علي الشئ نفسه لأنه ببساطة لن يرهقنا التفكير بشئ جديد! لكنه مع الاسف يخلق الملل ويجعل حياتك بلا معني..

إذن ما الحل؟!

• إن لم تستطع أن تخلق لنفسك أهدافا كبيرة علي المدي البعيد؛ اصنع لنفسك أهدافا سهلة علي المدي القريب..

• اكسر منطقة الراحة لديك؛ لن تستطيع تغيير عملك أو جامعتك لكن بإمكانك تغيير الطريق للذهاب لعملك؛ جرّب مصاحبة أشخاصا آخرين جدد والانخراط معهم؛ جرّب أن تشاهد أفلاما وثائقية وبرامج علمية وأنت المُعتاد علي مشاهدة الافلام العادية .. غير طريقة عيشك للحياة

• تحبس نفسك في البيت؛ انزل وتحرّك ولو بمفردك؛ شاهد الناس..

• غيّر الفيديوهات التي تشاهدها لأخري غير تقليدية: البرمجة التصوير التكنولوجيا؛ سؤال: من أين ينبع اعتقادك أن ما تفعله هو الشئ الذي تحبه حقا؟! إن لم تفعل غيره أو تشاهد غيره؟

• التغيير وتجربة أشياء جديدة هي نعمة من الله في الحياة، حين تجرّب أشياءً جديدة تشعر أنك خلقت من جديد، وتكتشف في نفسك جانبا جديدا لم تعرفه من قبل: جرّب اليوم دخول المطبخ وتحضير شيئا مختلفا؛ انزل وقم بزيارة مكان لم تزره من قبل؛ سِر في شوارع مختلفة..

لا تعرف الكتابة؛ أمسك ورقة وقلم واكتب أي شئ وكل شئ بدون ترتيب؛ أكتب عما يوجعك يؤلمك وعما يجعلك سعيدا ..

• وإذا شعرت بالتعب؛ فقط توقف وخذ قسطا من الراحة للتأمل أو اقضيه مع مَن تحب؛ العائلة مثلا..

ما فائدة هذا بالتغيير الذي أريده؟! أنا أريد ان اغير نفسي؟! ..

إذن هل تعتقد أن الإنسان يفقد شغفه فجأة أو دفعة واحدة؟! بل علي العكس فقدان الشغف يأتي نتيجة تراكم مواقف سلبية مررت بها؛ مع كل موقف تففقد جزءًا من شغفك حتي تفرغ منه تماما؛ ولهذا عليك أن تستعيده تدريجيا بأن تملئ حياتك بعادات مختلفة؛ ولتتأكد دوما ياصديقي أن: التغيير الكبير يبدأ بأشياء بسيطة.

دمتم طيبين والسلام.

0 التعليقات:

إرسال تعليق