الجمعة، 14 أكتوبر 2022


 من الأخطاء الشائعة لدى جميع الثقافات والشعوب هو اعتبار السلوكيات مصنفة على أنها وراثية أو مكتسبة، وكذلك ربط الوراثة بالحتمية والاكتساب بسهولة التعديل … والحقيقة أنه ما من صفة نفسية مكتسبة 100% أو وراثية 100% في الحالة العامة للإنسان.


هناك من يدعي أن مرضاً ما لا يمكن علاجه أو سلوكاً لا يمكن تغييره لمجرد أنه وراثي ، وببساطة فإنه يسيء فهم معنى (وراثي) ويجعلها تساوي = حتمي. ويظن أن السلوك المكتسب هو شيء من الهين جداً تغييره، لأنه يظن أن مسألة التغيير تعتمد على الإرادة الحرة بينما مسألة الوراثة تعطي نطاقاً لهذه الإرادة.. والحقيقة أنك إذ تتصور ما يحدث بالضبط فيمك أن نقول إن الدائرة الكُبرى هي دائرة الإرادة الحرة، وهناك دائرتان صغيرتان في وسطها تتقاطعان ليتشكل بينهما مجموعة مشتركة، هاتان الدائرتان هما : مجموعة الوراثيات ومجموعة الكسبيات :


يمكن أن تغير كل شيء يتعلق بزمنك، بدأً من الصفات الجسدية العامة ومروراً بالجينات وتشكيلات الدماغ والأعصاب وانتهاءً بصفاتك النفسية والسلوكية على نحو مُطلق… وسأعطيك بعض البيانات والوثائق لتدرك كيف المخ بهذا القدر من التعقيد.


1. تغيير عمل الدماغ : ولتتعرف فقط ، يعمل الدماغ بطريقة الشبكات العصبية اللدنة

، فهناك تشابكات عصبية جديدة تنشأ لكل سلوك ( مجموعة أعصاب تشترك معاً في استلام مهمة ما )، وهي غير مرتبطة بمكان محدد للدماغ وفق سلوك ما ، بل ويمكن تحطيم الشبكة أو إعادة بنائها من جديد في مكان آخر ومع ذلك الهدم والبناء يتغير السلوك الذي كانت الشبكة مسؤولة عنه أو يتعلم سلوك جديد ، ولهذا تعرف شبكات النقل العصبي ومعالجة المعلومات والأوامر على أنها "شبكات اتصال لامركزي".


2. تغيير بنيان الدماغ : هل تعلم أن الخلايا العصبية الحقيقية تستمر في التجدد طوال حياتك

 ؟ وأن ما يحدد تجددها من عدمه هو نمط معيشتك وطبيعة غذاءك ؟


بعض الخلايا العصبية قادرة على التجدد والتكاثر أكثر من غيرها ولكن غالبية الأنواع تتجدد ، وحدثت في هذا الموضوع الكثير من التحقيقات


 : كانت التجارب تتم على القوارض ثم تم توسيع الدراسات لتشمل الثدييات وأخيراً شملت الإنسان في عينة صغيرة 1998 ثم في دراسة كبرى 2013 تم فيها تحليل بيانات أدمغة المتوفين بطرق إشعاعية ، وهي تختلف نوعياً عن طريقة دراسة الدماغ بعد الوفاة والنظر إلى عدد الخلايا الجديدة، تم التثبت من وجود 1400 خلية جديدة بالمتوسط تنمي في منطقة الحصين ( ويزداد الأمر مع ازدياد الشروط والمقتضيات الصحية والتنموية ).


3. بل قل إن الجينيوم نفسه قابل للتغيير والتجدد وذلك بالاعتماد على الشريط اللاكودي

 والذي يفوق بقدراته على تحسين وتطوير التفاعل الجسدي والدماغي أضعاف قدرة الجنيوم العادي، وقد توضح الأمر كيف أن لبعض جينات هذا الشريط أثر أقوى بكثير على الدماغ من الجينات المرمزة للبروتين، مثل جين DUF1220.


4. القوة الحيوية في داخلك كيفلة بتطوير نوعك أو ارتقائه وقد كانت التجربة القاطعة الوحيدة


 على صدق نظرية التطور التجريبية قد أثبتت نزعة التطور الغائية والموجهة أو كما كانت تسمى ب"التطور اللاماركي"، حيث استطاعت خلايا الفئران بقصد التكيف والحفاظ على الحياة أن تكتسب صفات جديدة على النوع كمقاومة السمية وكتحمل 3–5 درجات حرارة إضافية لما يمكن للفأر أن يتحمله، بل الأكثر، تم إرسال هذه المعلومات على المستوى الكمومي لجميع خلايا الفئران الأصلية التي تم انتزاع العينة التي تطورت منها " تطور وظهور الصفات السائدة التي تساعد علي بقاء الحيوان فقط"


دمتم طيبين والسلام.

0 التعليقات:

إرسال تعليق