الجمعة، 14 أكتوبر 2022


 أهلاً بكم …


السبب الحقيقي لسرعة الكلام في حالتها اللاتكيفية، هو سبب نفسي بامتياز، ولا علاقة له بالوراثة الجسدية، السبب في سرعة الكلام هو التركيز على البيئة ومن فيها بشكل مبالغ فيه، وهو نوع من التوتر والقلق من الوقت، والخوف من فناء متعلقات هذه البيئة ، والانصراف إلى النتائج العاجلة والواقع المباشر، بينما داخلك يريد هدفاً آخر غير هذه البيئة ، ولكن هذا التناقض بين الرغبتين يحدث في العقل الغائب ( العقل الباطن ) ولا يظهر بسهولة لكَ ولمن حولك، إلا أن ظرفيات معينة قد تقوده نحو التعبير بأكثر من طريقة واحدة.


والآن … سأزودك ببعض الوسائل، ولكن العلاج ينبني أولاً وأخيراً على التركيز والإدراك، تدرك ما تريده حقاً، وبنفس الوقت ، تدرك مقام البيئة من حولك وما الذي يعنيه الآخرون بالنسبة لك، وتركز أي : "تزيل عامل التردد والوسوسة من صدرك" ، وهذا ما يجعلك في حالة استرخاء.


إليك الطريقة :


• كل يوم تقف أمام المرايا قليلاً، تكرر الحرف الصوتي "كاف" ، بنغمة موسيقية، وكأنك تتغناه … كآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآفف، وتصغي لصوتك بدقة وأنت تسمعه، تصغي إليه من منطلق الآن، أي لا تحاول مقارنته بما سمعته في الماضي، ولا تفكر في كيف سيسمعه الآخرون وأنت وحدك في غرفتك الآن، فقط ركز على طبقته الصوتية وطبيعة ارتنانه وحاول تأدية النغمة الأحب والأوزن إلى قلبك. كرر الأمر مع لام ، ميم ، نون ….


• تختار مقطعاً نصياً مكوناً من جملة معينة ، أو مجموعة من الجمل، وتكرره مرات ومرات، مثلاً لمدة ساعة كاملة لا تكرر سواها، اختر الجملة التي تعطيك الأسلوب الفني الأجمل برأيك، قد تكون جملة شعرية لمحمود درويش، أو عبارة في محاضرة تخيلية، أو أداء مسرحياً أو حتى محاكاة لمشهد سينامائي في فيلمك المفضل، ولكن التزم بها فقط، لساعة من الزمن … مع الوقت سيحدث انفصال بين بؤرة تركيزك وبين نسيج تأويلات العقل الباطن وهلاوسه، بمعنى أنك ستصبح قادراً على سماع الجملة دون تفكير كثير، بل بإدراكها المباشر، وهنا يمكنك مراقبة الجملة وصوتيتها، وتصحيح الأخطاء الحقيقية بتغيير الأسباب الفعلية التي أدت لها … كرر التمرين ثلاث مرات في الأسبوع على الأقل، سيكون ذلك فيصلياً.


• ومن المهم جداً أن تراقب كيفية خروج الصوت من حلقك وحنجرتك ومروره بتجويفك الفموي، وستتعلمها ببساطة وسهولة شديدة مع مرور الوقت، ستكتشف أن هناك :(1) تشنجاً خفياً في حبالك الصوتية، وبمجرد اكتشافك له سيبدأ بالتلاشي، وستكتشف (2) أن صوتك لا يخرج من حنجرتك بل من سقفها، وسيبدأ بالتلاشي، وستكتشف (3) أن صدرك يعاني من تشنجات لم تكن تلتفت إليها وبمجرد إلتفاتتك ، تبدأ بالتلاشي، (4) وحتى مخارج الحروف كانت تصدر من فمك دون ملاحظة ارتخاء أو انشداد الشفتين واللسان والفك على نحو يشوهها … بمجرد الملاحظة والمحاولة من جديد، كلها تتلاشى وكأنها لم تكن، ومع مرور بضعة أيام أو اسابيع تختفي المشكلة.


• تذكر : ركز طاقتك على الهدف، أي على جهاز النطق، قم بالتركيز عليه وليس على التفكير به، وحاول التحكم بعمله وتفاعلاته، لا تركز على التقييم لجودة صوتك وخصائصه ونظرة الآخرين أثناء التدريب، وإنما على "التحقيق"، فأثناء التدريب فقط ركز على توافق عمل جهاز نطقك بالهيئة الذي تريدها، وأزل كافة التخيلات والحرج أثناء التدريب بما أنك لوحدك. وأبقي موضوع التقييم والتفسير لوقت آخر، تماماً كالقناص، حين يركز على الهدف، قد ينسى أو يترك أحياناً سبب اختياره للهدف وما يترتب على قنصه من أحداث، لأنه مؤمن أن المسألة لا تتعلق بمجريات البيئة فقط، وكذلك أنه قد اختار مسبقاً الخيار الأفضل أو الصحيح، هذا ما يجعله ينجز، رغم أن إنجازاته قد تكون لا قيمة لها، بينما أنت على الطرف الآخر، تقف حائراً ولا تنجز الكثير أو حتى تنجز لاشيء، لأنك تقيم البيئة أكثر من اللازم، وتعطيها تأويلات مشبعة بالعاطفة، وتخشى الخسارة بشكل مبالغ فيه.. هذه في الحقيقة هي مشكلة السرطانات.


• يوجد برنامج اسمه Adobe Audition احصل عليه وعلى ميكروفون تسجيل بسيط، وسماعات جيدة وقم بمراقبة أداءك وملاحظة الأخطاء، يوجد أيضاً طريقة لسماع صوتك بنفس الوقت الذي تسجل فيه وهذا يجعلك تنفصل عن أداءك وتصبح مراقباً واعياً له مما يسهل التحكم فيه، على عكسك حين تتماهى مع الأداء وتدخل في قفصه.


إن إحساسك العميق بصوتك وتوجيه إدراكك إليه، هو ما يجعله تحت سلطة الوعي وراقبيته، دون إحساسك وإدراكك للصوت من منطلق الحضور، سيكون دائماً تحت رقابة اللاوعي، ولن يتغير أبداً حتى تغير آليات عمله في اللاوعي، وتبدأ هذه التغييرات من سلطة الوعي والإدراك، التي تقوم برباط الصوت إلى ما تريده هنا والآن، وبعد فترة من الرباط، سيتطيّع اللاوعي إلى الأوامر الجديدة ويصبح خيلاً مروضة تؤدي ما تأمره بها…

 منقول...                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  دمتم طيبين والسلام.

0 التعليقات:

إرسال تعليق