الأحد، 16 أكتوبر 2022


كسر الولد "س" ابن المعلم "ص" صاحب مخبز العيش الإفرنجي زجاج باب المخبز في الشارع التجاري خلف منزلنا .ارتفع صياح المعلم ، و غلى من الغضب وأوشك ان يقتل ابنه ، فالتف الناس حوله يهدأونه ..


وقال بعض البهوات للمعلم " الحمد لله ..كل هذا خير ..يعني كيف كان لورشة الزجاج التي بجوارنا ان تاكل عيش دون هذا الكسر ؟ ..هذا الكسر سببب سببه الله حتى يسترزق اصحاب الورشة ، و ربما لو كثر العمل لديهم لقاموا بتشغيل عامل آخر ، و فتحنا بابا للرزق جديد ، وتحول ما تظنه شرا مستطيرا الى خيرا كثيرا " .


ذكرني هذا على الفور بمقال كتبه عالم الاقتصاد الفرنسي الشهير فردريك باستيات عام ١٨٥٠ بعنوان ( Ce qu'on voit et ce qu'on ne voit pas )ذلك الذي تشاهده ، وذلك الذي لا تشاهده حيث حكى قصة مماثلة .


"وكان حوار الجيران في حكاية باستيات ،و الذين ينظرون الى الموضوع بشكل مختلف يتمحور حول ان النقود التي سينفقها الخباز سوف تنشط من ورشة الزجاج ،ونشاط الورشة يؤدي الى نشاط الصناعة ، ومن ثم فان الدمار الذي لحق بنافذتك كان سببا في خلق مزيد من الوظائف.


استخدم المنطق هذا سياسيون في تبرير الحروب ، ولقد سمعت اناسا ترى ان دخول هتلر الحروب كان سعيا وراء تنشيط اقتصاده لان الخراب الذي قد يلحق بمعداته سيحفز القطاع الصناعي على اعادة صناعتها، وان الحرب والخراب يساعدان الدولةعلى الخروج من حالة ركود .


وهو نفس المنطق الذي استخدمه البعض في إقامة مشاريع صورية كترع ومدن بحجة انها تؤدي الى خلق الوظائف او لتنشيط قطاع التشييد والبناء ، ودفع الاقتصاد .


والحقيقة ان هذا المنطق هش جدا ، لان تركيب نافذة جديدة ، وان كان سيزيد من دخل ورشة الزجاج ، فانه في نفس الوقت يعني ان الاقتصاد قدخسر نافذة (أصل من اصوله)كانت قائمة بالفعل .


ولو لم تنفق المال على تصليح النافذة لانفقته مثلا على شراء حذاء جديد ، فبقيت النافذة و بقي. لك حذاء جديد ، ثمنه ذهب الى ورشة الاحذية فأخذ العامل راتبه بعد ان كاد يترك عمله.


كما ان إقامة مشاريع صورية بحجة خلق وظائف و تنشيط الاقتصاد هي اضاعة لثروات البلاد وليس خلقا للثروة.                                                                                                                                                                                                دمتم طيبين والسلام.    

0 التعليقات:

إرسال تعليق