الخميس، 3 نوفمبر 2022

لعبة (أمل حياتي)


 لعبة (أمل حياتي)


 معقول؟


 هو الأمل ممكن يكون لعبة؟ آه طبعا.. كل حاجة ممكن تكون لعبة.. لما تتعمل في غير مكانها


 وفي غير وقتها.


 من الأمل شيء جميل ومطلوب ومهم.. الأمل بيهدئ من وطـار الأيام.. ويخفف حدة الليالي.. الأمل بيبعث على الحياة.. بس يكون في توقيته وموضعه.


 لما يكون عندك أمل إنك تنجح السنة دي.. رغم الصعوبات والتحديات. . غير لما يكون عندك أمل إنك تصحى بكره الصبح تلافي نفسك صغرت عشر سنين..


 لما يكون عندك أمل إن زميلتك في الجامعـة تعجب بيك وتحبك.. غير لما يكون عندك أمل إن سكارليت جوهانسون تتصل بيك دلوقت علشان تتعرف عليك. إنت تستاهل طبعا ماقلناش حاجة.. بس ده مش هيحصل.الأمـل لا يعني الانفصال عن الواقع.. ولا يعني رفع قدميك بعيدا من الأرض، والتحليق في السماء بلا أجنحة.. لأنه ساعتها مايبقاش أمل.. يبقـى وهم.. يبقى هراء.. يبقى لعبة نفسية بالغـة التعقيد.. لا ينتهي إلا بإحباط بالغ.. وشعور عارم بالعجز.


 من أصعب الأمثلة اللي شفت فيها اللعبـة دي، هي الفتاة المرتبطة بشخص سيكوباتي (مؤذي جدا).. هي بتدوق المر حرفيا كل يوم.. وبتعـذب بـكل أصناف العـذاب النفسي والبـدني بلا انقطاع.. مرة باللاعب بمشاعرها.. مـرة يوحي لها بصفات سيئة وغير حقيقية عن فسها (وهي تصدقهـا).. مرة يحسسها بالذنـب علشان يملكها.. مرة يقلل من شأنها علشان يسيطر عليها.. مرة يبكي ويبوس إيديها ورجليها علشان يصعب عليها ويخليها تتعاطف معاه.. ومرات يهددها بالهجر أو الانفصال.. وأحيانا بالقتل أو الانتحار. تيجي هي رغم كل ده .. يبقى عنـدهـا أمـل فيـه.. وتبقى مستنية إنه يتغير.. ويتحسن.. ويتصلح حاله.. وهو ما لم يحدث في التاريخ من قبل.. ولن يحدث أبدا.


 النفسيين من جلين جابرد العالم النفسي المعروف، بيحذر في كتابه (Psychodynamic Psychiatry in Clinical Practice الطبعة الخامسة، ٢٠١٤) الأطباء والمعالجين هذا النوع من السيكوباثيين.. بيقول لنا إوعوا تستعملوا معاه طرق العلاج التقليدية؛ لأنه ممكن يتلاعب بيكم ويغيّركم أنتم شخصيا للأسوأ.. إوعوا تدخلوه مجموعة علاجية.. هيبوظها ويفركشها ويؤذي أعضاءها.. إوعوا تاخدكم الحماسة والجلالة وتلعبوا معاه دور المنقذ.. مش هتلاقوا اللي ينقذكم منه بعد كده.. السيكوبائي علاجه هو استئصاله من المجتمع.. وحجزه في قسم نفسي بمؤسسة خاصة بتأهيل المجرمين.. فقط .. ولا غير.تيجي صاحبتنا المسكينة بقـى، وتقول لك ده هيتغير.. أنا عندي أمل.. أنا هاقف جنبه وأساعده.. أنا معاه للآخر.. مش انت يا دكتور قلت إن ممكن علاقة واحدة في حياة البني آدم تشفيه وتعالجه وتغيرها آه يا ستي قلت .. بس جيت عنـد ده بالذات، وقلت: «يا إما تاخديه على الدكتـور النفسي فـورا.. أو.. مش هاقول لك خـدي ديلك . سنانك واجري.. لأ.. سيبى ديلك.. واجري بكل سرعتك». واللي انتي ماتعرفيهوش.. إن الدكتور النفسي مش هيعرف يعالجه.. وكلكم هتصابوا بالإحباط.


 نفس الكلام مع اللي حاطة أمل في الارتباط بشخص عنده مشكلة في تحمل المسؤولية، ومش عاوز يتعالج، ومش بيسعى للتغير، أو اللى كل شـوية يبعـد ويقرب.. أو اللي بيبعت رسايل مزدوجـة.. وهي زالت مصرة إنه لسه فيه أمل. الأمل المبالغ فيه يؤدي إلى الإحباط.


 من الأمثلة التانية الصعبة جدا هي إنك تحط أمل إن وضعك المادي أو الاجتماعي يتغير.. وانت مش بتسعى لكده.. ومعندكش خطط واضحا لده.. ومافيش أي مؤشرات حقيقية ولا واقعية عليه.. وتفضل قاما مكانك مستني جنب الحيط .. وباصص في الفراغ.. والمشكلة تبقى أكبر لو فيه معاك عيلة أو ناس مسؤولين منك.. عندهم حلم متوقف علي حلمك.. وأمل مبني على أملك.. وكلكم في انتظار المعجزة.. اللي مش هتحصل أبدا. الأمل غير المبني على قواعد ثابتة، يؤدي إلى العجز.


 إنت عارف كام واحد في مصر كان عنده أمل إننا نفوز بكاس العالم بعد صعودنا إليه بطلوع الروح، مش إننا بس نطلع الدور الثاني، ويقول لك: أدينا بنحلم.. خلي عندك أمل؟ هو فيه حاجة بعيدة على ربنا؟ لا طبعا.. مافيش حاجة بعيدة على ربنا.. بس ربنا عمل لكل حاجة مقادير وأسباب.. حتى الأمل.. حتى الحلم. الأمل في غير موضعه وهم..


 الأمل في غير توقيته حماقة.. الأمل في غير جرعته.. قد يكون ساما.                                                                                                                                                                                                                                                       من كتاب " لأ بطعم الفلامنكو"                                                                                                                                                                                                                                                                                                     دمتم طيبين والسلام.    

0 التعليقات:

إرسال تعليق