السبت، 12 نوفمبر 2022

محاكاة المعتدي


 ظبتـي نفسك قبل كده وإنتي بتعملي نفـس الـلي مامتك كانت بتعملـه معـاكي وإنتي صغيرة؟


 كشفت نفسك في أي مـرة وإنـت في أحـد المواقـف أو التصرفات، نسخة طبق الأصـل مـن حـد غيرك؟ أبـوك.. أخـوك.. حـد مـن أصحابـك..


 جربت الحكاية دي قبل كده؟


 كشفت نفسك مرة وإنت حد تاني؟


 قفشـت نفسك وإنت بتكرر نفـس الـلي اتعمـل معـاك، بس مع غيرك؟


 كام مرة كنت (إنت) النهاردة؟


 بص كده في المراية..


 هو إنت مين دلوقت؟


 إحنـا سـاعات لمـا بنـحـب حـد، خاصـة مـن المشاهير وإحنـا في سـن الشباب.. بنلبس زيـه، نسرح نفـس تسريحته، وهكذا.. بنعمـل ده بشكل واعـي وواضح.. وده اسمه (تقليـد)..


 لكن ساعات بيوصـل بينـا الحـب والشغف درجة كبيرة جدا، مع عدم قدرتنـا عـلى الوصـول لـلي بنحبـه، أو عدم استطاعتنا إننـا نكون زيه.. وقتها ممكن نعمل حاجة تانية غير (التقليـد) اسمها (تقمـص).. وده بيعملـه عقلنـا الباطـن بـدون وعـي كـامـل مـننـا. . فنتكلم زي الحـد ده، نمشي زيه، نفكر زيه، نستقبل زيـه، نفهـم زیه، نحس زيـه، باختصـار.. نتحـول لنسخة منـه.. نبقى (هـو)..الحكاية دي مهمة جدا في بعض الأوقات.. مهـم إن الولد في سـن معين يتقمـص أبـوه علشان يحـس إنـه بينتمـي لـعـالم الرجـال، ويتكـون جـواه الضمير الأبوي اللي هايستمر معـاه طـول حياته، وكمان مهـم إن البنت في إحـدى مراحـل طفولتها تتقمص أمهـا علشان تحس إنهـا تنتمـي لـعـالم الإناث ويتكـون بـرضـه جواهـا الضمير الإنسـاني الـلي هاتعيـش بـيـه..


 ساعات بنتقمص الناس اللي بنحبهـم علشان نحس إننـا قريبين منهـم وكل حتة فينـا تتونـس بيهـم.. سـاعات بنتقمص أساتذتنا وأصحابنـا وإخواتنـا وحبايبنـا.. وغيرهـم وغيرهـم.. التقمـص هنـا بيكون مطلوب كشـكـل مـن أشـكـال القـرب أو التعلـم أو النمـو النفسي.. باتقمـص حـد، أقـرب منـه أو تونس بيـه أو أتعلـم منـه حاجة، وبعديـن خـلاص.. زي الجاكيت كده اللي ممكـن ألبسه في وقـت معـين وأقلعـه بعدهـا بشـوية وألبس غيره وهكذا..


 بس الغريب والمثير للدهشـة.. هـو إننـا سـاعات بنتقمص النـاس اللي بنكرهـهـم.. النـاس الـلي آذونـا.. النـاس الـلي اعتدوا علينـا وشوهونا وتركوا فينـا آثار سيئة.. ده اسمه (تقمـص المعتـدي).. أو (التوحـد مـع المعتدي).. Identification with the Aggressor


 وهنا فصل الخطاب.. ومحور الكلام.. ولب الرسالة..شوف شوية أمثلة..


 طـالـب في لجنـة امتحـان شـفهي.. والدكتـور كان غلـس وقـاسي وظالم.. وطلـع عـين الولد وبهدله.. وكان هايسقطه.. تـلـف الأيـام والسنين، ويبقى الطالـب ده في نفـس مـكان الدكتور وبيمتحـن طـالـب عنـده.. تلاقيـه بـدل مـا يـكـون لطيف ومنصـف وعـادل معـاه.. يتحول بقدرة قادر إلى نسخة طبق الأصـل مـن الدكتـور اللي ظلمـه.. وساعات يكون أقـسى وأظلـم منـه..


 طـفـل اتعرض لتربية صعبة وطريقة قاسية في التعامـل مـن أبـوه وأمـه.. يجـي لمـا يخلـف ويكـون عنـده أولاد.. يتعامل معاهـم في كتـير مـن المواقـف بنفـس القسـوة الـلي اتعرض ليهـا.. وكأنـه بيتقمص أبـوه أو أمـه.. بدلا مـن عمـل العـكـس..


 حـد اتعرض لقهر وعنف وذل.. أول مـا تـلـف الأيام وتدور دورتها، ويبقى في مكان اللى قهـره وظلمـه، يتحـول لنسخة منـه.. وربمـا أسـوا..


 إحنـا سـاعات بنتقمص اللي اعتدى علينـا علشان معرفناش ناخـد حقنـا منـه.. أو علشـان مـا نحسش بالضعف والعجـز قـدام نفسنا.. أو علشـان في نفس الوقـت الـلـي كـنـا فيـه بنكرهـه.. كنـا بـرضـه بنحبـه..بس تاني كده في المراية.. واسأل نفسك كمان مرة..


 كام مرة اتعاملت مع حد بنفس طريقة تعامل أبوك معاك؟


 في كام موقف لقيني نفسك بتكرري مع بنتك أو صاحبتك نفس اللي كانت والدتك بتعمله معاكي؟


 إمتى آخر مرة تقمصت حد غيرك ولعبت دوره؟ إمتى آخر مرة كنت مش إنت؟ كنت اللي ظلمك واعتدى عليك؟ في الحقيقـة أكبر ظلـم ممكن تظلمـه لنفسـك هـو إنـك تكـون


 نسخة مـن الـلي آذاك..


 وأكبر انتصار عليك من حد ظلمك.. هو إنه يحولك لصورة منه..


 مش بس كده..


 ده كمان أكبر أذى ممكـن يؤذيهولـك حـد بتحبـه.. هـو برضـه إنه يخليـك نسخة منـه.. لأنـه هايمسح شخصيتك فيه، ويدوب ملامحـك جـواه، ويحرمـك مـن اختلافـك وتـفـردك.. هايخليـك زي الوصف الموجود في أغنية أصالة (أنا إنتي).. وصـف شكله جميـل مـن بـره، لكنـه مليـان تشـويه وأذى مـن جـوه (وباقـي الأغنيـة بیوکد کده):


 أنا حبك.. أنا صاحبك.. أنا عقلك وتفكيره.. ما أنا منك.. وروح قلبك.. وأخوكي لما تحكيله..


 أنا فرحك.. ألم تعبك..


 أنا في كل اللي بتحسيه حاسس بيكي..


 ما أنا إنتي.. ما أنا إنتي..مـا فيـش تشـويه أكتر مـن إنـك تلاقي نفسك بتعيـش بشخصية حد تاني.. مهما كان الحـد ده..


 بص في المراية مرة أخيرة..


 واوعد نفسك.. وإنك مش هاتكون في أي وقت أي حد تاني غيرك..


 إنك هاتفضل طول الوقت (أنت)..

 أي حد..                                                                                                                                                            "علاقات خطرة"                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   دمتم طيبين والسلام.     

0 التعليقات:

إرسال تعليق