الجمعة، 18 نوفمبر 2022

قبول الموت .. حياة


 طبيعي جدا يكون جوانا غريزة للحياة.. دافع للبقاء.. حاجـة بتحرك كل واحد فينا للاستمرار في الدنيا.


 غريزة الحياة دي بتعبر عن نفسها بطرق كتير جدا.. منها الجوع.. اللي بيدفعك إنك تاكل علشان تمد جسمك بشوية طاقة كل كام ساعة، والعطش.. اللي بيخليك تروي خلاياك بوقود الحياة طول الوقت والجنس اللي بيمنحك متعة جسدية ونفسية هائلة تساعدك على تحمل بعض مشاق المعيشة، وفي نفس الوقت بيحافظ على استمرار النوع البشري على الأرض إلى ما شاء الله..


 مش بس كده


 الحب.. هو وجه من وجوه غريزة الحياة.. لأنه بيقربك من الناس.. وده في صالح الحياة واستمرارها وجودتها..


 الصداقة.. وجه تاني من وجوه غريزة الحياة.. علشان بتخلي حواليك صمام أمان من العلاقات الصحية اللي ممكن تحميك (نفسيا) وقت اللزوم.


 الشغل.. السفر.. الاكتشاف.. الإبداع.. النجاح.. الفرحة.


 وغيرهم.. وغيرهم...


 وجوه الحياة وغرائزها كتير جدا.. وكل ده طبيعي ومفهوم..الغريب بقى هو إنه زي ما فيه جوانا غريزة للحياة.. فيـه برضه جوانا غريزة للموت!!


 يعني الناس اللي بتنتحر ،مثلاً دول ناس انتصرت فيهم غريزة الموت على غريزة الحياة.. والناس اللي بتقتل، دول قاموا بتوجيه غريزة الموت اللي جواهم لخارجهم والناس اللي بترهب غيرهم أو ترعبهم، دول برضه ناس بيعبروا عن غريزة الموت اللي جواهم بهذا الشكل الفج


 مش بس كده برضه


 أحد وجوه غريزة الموت، إن حد يستعذب الألم...


 كلمة صعبة ؟!


 يستعذب الألم يعني يستمتع بالألم. وساعات يسعى إليه.. وزي ما يكون بيعمل دماغ لما يتألم...


 هو فيه كده؟


 آه فيه كده


 لما حد يتعرض لتجربة مؤلمة أو لخبرة مخيفة، وبعد ما يطلع منها، يدخل في تجربة زيها بالظبط، وتكون نهايتها برضه مؤلمة أو مخيفة - على الأقل بنفس الدرجة.. ده وجه من وجوه غريزة الموت اللي جواهلما واحدة تكون دخلت في علاقة حب صداقة زواج طرفها التاني كان قاسي، ومهمل لمشاعرها، وغير محترم لإنسانيتها، وعاوز يفصلها على مقاسه.. وبعد ما تنتهي العلاقة.. تيجي بكل بساطة تدخل في علاقة جديدة، تختار فيها حد له مواصفات شبه الشخص اللي فات بالظبط .. وتمشي معاه نفس طريق القسوة والألم تاني.. وتكرر ده مرارا وتكرارًا.. ده أحد وجوه غريزة الموت اللي جواها.


لما واحد يقعد يلوم نفسه بشكل مرضي مبالغ فيه عمال على بطال مع كل خطوة، وكل فعل، وكل حركة .. يعلق لنفسه كل يوم. مشنقة، ويجلد نفسه كل ليلة كام جلدة.. أهو ده بيمارس غريزة الموت كل يوم وكل ليلة...


لما حد يتفنن في إيلام نفسه وإيذائها سواء نفسيا أو جسمانيا)... مرة بالشعور الزائد والمرضي بالذنب ومرة بإنه يظلم نفسه بأي شكل وبأي طريقة ومرة بإنه يتعب نفسه ويهلك أعصابه ويستنزف كل وجوده وحياته في شغله أو علاقاته، على حساب نفسه وحقوقها.. كل دي صور ووجوه كتير جدا الغريزة الموت..


طبعًا فيه وجوه أقرب وأوضح وأشهر من كده بكتير...


اليأس وجه من وجوه الموت.. الكره.. الغضب.. الحزن.. الاستسلام...


وطبعا.. النوم.. اللي بنموت فيه كل ليلة.. ونصحى تاني يوم...أنا جوايا موت، وجوايا حياة.. ما ينفعش أتخلص من واحدة


 منهم، أو أستغنى عنها..


 أنا جوايا موت، وجوايا حياة.. زي ما جوايا ضلمة وجوايا نور.. الاتنين بيكملوا بعض.. بياخدوا من بعض، ويدوا بعض.


 أنا جوايا موت وجوايا حياة.. متضفرين في بعض ماشيين مع بعض، وساعات في نفس الاتجاه.


 اللحظة اللي ها قبل فيها الموت اللي جوايا هي نفس اللحظة اللي هأقبل فيها غضبي وما أسمحش له إنه يتملكني ويسيطر عليا..


 اللحظة اللي هأقبل فيها الموت اللي جوايا هي نفس اللحظة اللي هأقبل فيها خطأي وفشلي وضعفي وتقصيري وما قفش عندهم ولا أخليهم يعطلوني..


 اللحظة اللي ها قبل فيها الموت اللي جوايا هي نفس اللحظة اللي ها يلتحم فيها فجوري بتقواي


 اللحظة اللي ها سمح لنفسي فيها إني أحزن في هدوء.. وأتألم هي في حكمة.. وأصبر في ثبات...


 اللحظة اللي ها قبل فيها الخوف والانكسار وساعات خيبة هي الأمل...


 اللحظة اللي ها سامح فيها نفسي.. وأسامح غيري.. هيهي لحظة ما يجتمع جوايا كل أبيض وأسود.. ويتألف كل يمين وشمال.. ويتصالح كل نقيض مع نقيضه..


 هي لحظة إن نفسي تبقى ..نفسي.. كل كامل متكامل.. ملتثم ملتحم.. رائع بنقصانه.. وجميل بفنائه...


 لحظة إني أكون بني آدم.. أخيرا... هي


 على فكرة أنا شخصيا ما وصلتش لسه للحظة دي.. لأنها مش لحظة... .. هي رحلة.. بس أعتقد إني حاليا على نقطة ما في الرحلة دي.. والله المستعان


 اوعى تكون بطلت تقرا بصوت عالي وبصيغة (أنا)..


 طيب... اقراها تاني من الأول بصوتك.. وعن نفسك..                                                                                                                                                                                                                                                                       دمتم طيبين والسلام.                 

0 التعليقات:

إرسال تعليق