الأحد، 6 نوفمبر 2022

الأخلاق!


 عارف اللي بيحصل جواك لما تعمل حاجة غلط؟ الإحساس اللي بيجيلك لما تعمل حاجة عيب؟ الشعور الصعب اللي بيعذبك لما تعمل حاجة حرام؟ ده اللي هانتكلم عنه دلوقت..


 كل واحد فينا جواه كائن ضخم.. عملاق مخيف.. وحش كاسر.. بيطلع لما تعمل حاجة غلط، أو عيب، أو حرام.. الكائن ده ساعات بيسموه الأنا الأعلى.. ساعات بيسموه الضمير.. ساعات بيسموه النفس اللوامة..


 الجزء ده من تركيبنا النفسي، بيتكون فينا من سن ثلاث إلى خمس سنين تقريبا.. وبيكون أحد أهم مصادره طريقة تربية الأب والأم لينا، وقد إيه فيها حنية أو قسوة.. وعادات وتقاليد وموروثات المجتمع اللي بنتولد فيه، وقد إيه فيها تسامح وقبول أو ظلم ورفض.. وطبعا معتقدات وتعاليم ديننا (كما وصلنا)، وقد إيه اللي وصلهولنا شاف فيه عفو وغفران أو عقاب وانتقام.. مشكلة الكائن ده جوانا هي أنه كائن مسلح.. وسلاحه قوي جدا.. والسلاح ده بيديله سلطة، وقوة، وسيادة.. ويخليه يتحكم فيك وفي أفكارك ومشاعرك وكمان تصرفاتك.. زي ما يحب.. وقت ما يحب.. السلاح ده اسمه:


 الشعور بالذنب..


 حجم الكائن ده جواك، ودرجة قوته، وعلاقتك الداخلية بيه هي اللي بتحدد بشكل كبير. علاقتك بنفسك..بمعنى إنه لو كانت طريقة تربيتك فيها قسوة شديدة، وعقاب بمناسبة وبدون مناسبة، أولو انت عايش في مجتمع مليان قهر وظلم ورفض للاختلاف، أو لو اللي وصلك من دينك هو فقط التخويف والتهويل والعذاب والوعيد.. وقتها هايكون حجم الجزء ده جواك كبير جدا، وتسليحه قوي جدا.. وهايحسسك بالذنب مع كل حركة وكل فعل وكل عاطفة، ويقولك ده عيب وده غلط وده حرام.. على كل حاجة.. في كل وقت.. هايكون ضميرك قاسي جدا عليك وعلى الأخرين.. ونفسك مش هاتبطل تلومك ليل أو نهار. . أما لو كان اللي وصلك من التربية سعة الصدر والقبول غير المشروط، ووصلك من المجتمع العدل والمساواة وقبول الآخر، ووصلك من الدين السماح والعفو والمغفرة والرحمة.. فوقتها هايكون حجم الجزء ده جواك متوسط ومعقول.. وعلاقته بيك فيها لطف وهدوء وتفاهم.. ضميرك هايكون حي بس مش قاسي.. هاتدي مساحات للخطأ والصواب.. وفرص للعفو والسماح.. لنفسك قبل أي حد تاني.. وبالطبع لو كانت التربية مليانة إهمال واستهتار وعدم اهتمام.. والمجتمع مليان كسل ولامبالاة وفهلوة.. واللي وصل من الدين كله تشويه وادعاء وافتراء.. فانسي كلمة (ضمير) دي من أصله..


 طبعا دي مش قاعدة مطلقة.. علشان ممكن يوصل من التربية سعة صدر وقبول بس في مجتمع مليان قهر وظلم.. أو يوصل من الدين عفو وسماح في حين إن اللي وصل من البيت قسوة ورفض..إلى جانب إنه فيه عوامل تانية كتير أوي بتتحكم في ده.. زي


الاستعداد الوراثي والتعبير الجيني وغيرها.. المهم.. جواك مؤسسة قانوينة وأخلاقية ودينية اسمها (الضمير).. على رأسها كائن ضخم اسمه (الأنا الأعلى) بيحاول يقوم بوظيفة مهمة اسمها (النفس اللوامة.. وبيستخدم في ده سلاح اسمه (الشعور بالذنب).. وأعتقد إنه ما فيش كلمة تم تشويه معناها، ولا شعور حصل فيه مغالاة.. ولا سلاح أسيئ استخدامه زي (الشعور بالذنب).. عند علماء الدين.. الشعور بالذنب ندم وتوبة.. مش بس كده..


عند الآباء والأمهات.. الشعور بالذنب أدب وطاعة.. وعند كتير مننا.. الشعور بالذنب سجن وعذاب..


ده الشعور بالذنب.. هو أقوى سلاح في تاريخ البشرية.. يعني أقوى سلاح ممكن حد يستخدمه ضدك.. هو أنه يخليك تحس بالذنب تجاهه..


وأقوى سلاح ممكن تستخدمه ضد نفسك.. هو إنك تحسسها بالذنب بمناسبة وبدون مناسبة..


وأقوى سلاح بيستخدمه الآباء والأمهات علشان يسجنوا أطفالهم في سجون حصينة من الطاعة العمياء والصوت الواطي والعين المكسورة.. هو أنهم يحسسوهم بالذنب.. حتى على مجرد وجودهم في هذه الحياة..التاني بتجرد فيه نفسك من آدميتك وما تسمحش ليها بممارسة


حقها الرباني اللي علشانه اسمك (إنسان)..


الأول فيه سماح وعفو وبداية جديدة في كل مرة.. وفرصة


جديدة مع كل خطأ..


التاني فيه عقاب داخلي قاسي وعنيف مع كل ضعفه. ويأس


وقنوط وسواد مع كل فشل..


الأول.. مش هاتكرر فيه نفس الغلطة تاني (بقصد).. لكن هاتغلط غلطات غيرها.. وتتعلم منها برضه..


التاني.. هاتكرر فيه نفس الغلطة كل يوم.. بشكل قهري


سقيم لا ينتهي..


الأول هو النفس اللوامة (من غير قسوة)، والضمير الصاحي (من


غير مغالاة)..


الثاني هو النفس القاسية الغاشمة، والضمير المتكلف المغالي


في العقاب.


الأول فيه حركة وتغير ونمو.. ومسئولية.. وحياة.. الثاني فيه جمود وثبات ونكوص.. ويأس.. وموت..


الأول هو الألم الإنساني الواعي الشريف.. والتاني هو المعاناة المريضة العمياء الساحقة..


طيبه.. نعمل إيه؟


غلطت؟ سامح نفسك.. واتعلم من غلطك.. وابدأ من جديد.. هو


إحنا بنتعلم من غير ما نغلط؟التاني بتجرد فيه نفسك من آدميتك وما تسمحش ليها بممارسة


 حقها الرباني اللي علشانه اسمك (إنسان)..


 الأول فيه سماح وعفو وبداية جديدة في كل مرة.. وفرصة


 جديدة مع كل خطأ..


 التاني فيه عقاب داخلي قاسي وعنيف مع كل ضعفه. ويأس


 وقنوط وسواد مع كل فشل..


 الأول.. مش هاتكرر فيه نفس الغلطة تاني (بقصد).. لكن هاتغلط غلطات غيرها.. وتتعلم منها برضه..


 التاني.. هاتكرر فيه نفس الغلطة كل يوم.. بشكل قهري


 سقيم لا ينتهي..


 الأول هو النفس اللوامة (من غير قسوة)، والضمير الصاحي (من


 غير مغالاة)..


 الثاني هو النفس القاسية الغاشمة، والضمير المتكلف المغالي


 في العقاب.


 الأول فيه حركة وتغير ونمو.. ومسئولية.. وحياة.. الثاني فيه جمود وثبات ونكوص.. ويأس.. وموت..


 الأول هو الألم الإنساني الواعي الشريف.. والتاني هو المعاناة المريضة العمياء الساحقة..


 طيبه.. نعمل إيه؟


 غلطت؟ سامح نفسك.. واتعلم من غلطك.. وابدأ من جديد.. هو


 إحنا بنتعلم من غير ما نغلط؟ضعفت؟ اقبل ضعفك.. ماهو انت بشر.. والضعف جزء من


 بشريتك..


 فشلت؟ وماله.. هو النجاح ليه طعم من غير الفشل؟ اقبل فشلك..


 وحاول تاني..


 ما ينفعش رسولنا (ص) يقولنا: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" وإحنا ما نقبلش أخطاءنا ونقف ونوقف


 الدنيا والحياة عندها..


 ما ينفعش يقولنا: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم وإحنا مش بنحترم ضعفنا ومش بنقبل فشلنا..


 ما ينفعش ربنا يعلمنا نكلمه ونقوله: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" وإحنا ننصب لنفسنا المشانق كل يوم..


 من النهاردة.. من دلوقت.. من اللحظة دي..


 ما تسمحش لأي حد إنه ياخد منك حق الخطأ.. ويديلك بداله الشعور بالذنب..


 ما تسلمش مفاتيح قبولك لنفسك لأي حد.. وبعدين تستنى


 منه القبول والرضا..


 ما تستناش صك الغفران من أي بشر.. مهما كان..اعرف إن الشعور بالذنب بيكون في أوقات كتير جدا عكس


 الشعور بالمسئولية.


 ما تحملش نفسك فوق طاقتها.. وما تشيلش شيلة حد..


 ما تشيلش شيلة حد..


من كتاب "الخروج عن النص"


دمتم طيبين والسلام.

0 التعليقات:

إرسال تعليق